لطالما أحاط الغموض والوصم الاجتماعي بمرض الفصام، أحد أبرز الاضطرابات النفسية التي يساء فهمها حتى اليوم وبينما يخلط البعض بينه وبين اضطراب الهوية الانفصامي، تستمر الصور النمطية الخاطئة في الانتشار عبر وسائل الإعلام والدراما.
ويرجع الفصام إلى مجموعة من العوامل، منها العوامل الوراثية والاضطرابات الكيميائية في الدماغ، إضافة إلى الضغوط النفسية الشديدة وتعاطي بعض أنواع المخدرات، وتظهر أعراض المرض من خلال الهلاوس السمعية أو البصرية، الأوهام، التفكير المشوش، وتغيرات في السلوك، إلى جانب تبلد المشاعر أو فقدان القدرة على التعبير العاطفي.
وبخلاف الصورة النمطية التي ترسخها بعض الأفلام والأعمال الدرامية، فإن معظم المصابين بالفصام ليسوا عنيفين؛ بل غالبًا ما يكونون عرضة لأن يكونوا ضحايا للعنف بدلًا من مرتكبيه.
كما تشير الدراسات إلى أن بعض المصابين بالفصام يدركون عدم واقعية الهلاوس التي يعانون منها، وهي حالة تُعرف باسم "فصام البصيرة".
وتُسجَّل ملاحظات طبية حول تأثير الفصام على مختلف الحواس، وليس فقط السمع أو البصر، إذ قد يعاني المصابون أحيانًا من اضطرابات في حاستي الشم أو اللمس.
وتاريخيًا، كان الفصام يُفسَّر في بعض الثقافات على أنه مسٌّ شيطاني أو عمل سحري، مما أدى إلى عزل المصابين به اجتماعيًا في العديد من المجتمعات القديمة.
ورغم تحديات المرض، فإن العديد من المصابين أظهروا قدرات فنية وإبداعية لافتة، واستطاعوا تحويل تجاربهم النفسية إلى أعمال أدبية وفنية خالدة.
ويستمر استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT) في بعض الحالات المستعصية، مع تطويره ليصبح أكثر أمانًا وأقل تسببًا في الآثار الجانبية مقارنة بالعقود الماضية.
ويشير الأطباء إلى أن الفصام عادة لا يظهر بشكل مفاجئ، بل تتطور أعراضه تدريجيًا خلال أشهر أو سنوات، فيما يُعرف بمرحلة "ما قبل الذهان"، حيث يلاحظ المقربون تغيرات مثل الانسحاب الاجتماعي وضعف الأداء المدرسي أو الوظيفي.
ويصيب الفصام الرجال والنساء بنسب متقاربة، مع فارق بسيط في العمر؛ إذ تظهر الأعراض عادة في سن أصغر لدى الرجال مقارنة بالنساء، ويؤكد الأخصائيون أن التدخل العلاجي المبكر يلعب دورًا محوريًا في تحسين فرص السيطرة على المرض ومواصلة الحياة بشكل طبيعي، مع الإشارة إلى أن حوالي 20 من المرضى قد يحققون تحسنًا ملحوظًا واختفاءً شبه كامل للأعراض لفترات طويلة.