في ظل التحديات البيئية والمناخية التي تواجه العالم، تبرز أهمية الحفاظ على الموارد الوراثية الزراعية كأولوية وطنية واستراتيجية، ومن هنا جاء دور بنك البذور التابع للمركز الوطني للبحوث الزراعية في الأردن الذي يُعد من أهم الإنجازات العلمية في مجال صون التنوع الحيوي النباتي وضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة.
يقع بنك البذور في المركز الوطني بمحافظة البلقاء، ويعمل على جمع وحفظ وتوثيق بذور النباتات المحلية سواء البرية أو الزراعية من مختلف مناطق المملكة، هذه البذور تمثل أصنافًا فريدة تأقلمت عبر مئات السنين مع طبيعة الأردن ومناخه، مما يجعلها ثروة وراثية ثمينة قادرة على تحمل الجفاف والملوحة والظروف القاسية.
تمر عملية حفظ البذور بمراحل دقيقة تبدأ بجمعها من مواقعها الطبيعية ثم تنظيفها وفحصها وتحليلها من حيث الجودة والقدرة على الإنبات، بعد ذلك تُحفظ في درجات حرارة منخفضة جدًا داخل غرف تبريد مخصصة مما يضمن بقاءها حيوية لعقود، يهدف هذا الحفظ طويل الأمد إلى ضمان توفر هذه البذور في حال انقراضها من الطبيعة أو الحاجة إليها في برامج تحسين المحاصيل أو خلال الأزمات الغذائية.
لا يقتصر دور بنك البذور على الحفظ فقط، بل يمتد ليشمل البحث والتطوير حيث يُستخدم في دراسات علمية تهدف إلى تطوير أصناف جديدة مقاومة للأمراض والظروف البيئية الصعبة، كما يسهم البنك في تدريب الطلبة والباحثين والمزارعين من خلال الورش والبرامج التعليمية، ليكون مركزًا وطنيًا لنشر ثقافة الزراعة المستدامة والحفاظ على التنوع البيئي.
يُعد بنك البذور التابع للمركز الوطني صمام أمان للأمن الغذائي في الأردن وركيزة علمية تحمي الإرث الزراعي من الاندثار، ففي كل بذرة تُحفظ هناك قصة حياة وإمكانات علمية وفرصة لإعادة النماء، هذه المبادرة ليست مجرد مشروع وطني، بل جزء من الجهد العالمي لحماية مصادر الغذاء في مواجهة التغيرات المتسارعة.