أصبح التغير المناخي من أبرز القضايا التي تهدد كوكب الأرض، وغالبًا ما يتم تناوله من زاوية تأثيره على البيئة والطبيعة والاقتصاد، لكن هناك جانبًا آخر لا يقل خطورة وهو تأثير التغير المناخي على الصحة النفسية، هذا التأثير وإن كان أقل وضوحًا من الكوارث البيئية المباشرة إلا أنه يُعدّ "الخطر الصامت" الذي يزحف نحو المجتمعات دون أن يحظى بالاهتمام الكافي.
تشير دراسات علمية متزايدة إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة، مثل: موجات الحر والفيضانات وحرائق الغابات ترتبط بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، على سبيل المثال، بعد حرائق الغابات في أستراليا وكاليفورنيا أفاد عدد كبير من السكان بمعاناتهم من صعوبات نفسية طويلة الأمد نتيجة فقدان منازلهم أو خوفهم المستمر من الكوارث المتكررة.
لكن الأثر لا يتوقف عند الكوارث المباشرة، إذ يعيش الكثير من الناس خصوصًا من فئة الشباب ما يُعرف بـ"القلق المناخي" وهو شعور بالخوف والحزن والتوتر الناتج عن تصور المستقبل البيئي المظلم، هذه المشاعر قد تؤدي إلى الإحباط أو العزلة أو حتى فقدان الدافع للمشاركة في الحياة المجتمعية.
الفئات الأكثر تضررًا نفسيًا من تغير المناخ تشمل الفقراء وسكان المناطق المعرضة للكوارث والمزارعين وسكان الجزر والسواحل وكذلك الأطفال والمراهقين الذين يشعرون بانعدام الأمان بشأن مستقبلهم، إن عدم وجود شبكات دعم نفسي أو نظم رعاية صحية متقدمة يزيد من تفاقم هذه الأزمة النفسية.
من المهم أن ندرك أن مواجهة آثار التغير المناخي لا تقتصر على حلول تقنية مثل الطاقة المتجددة أو خفض الانبعاثات؛ بل يجب أن تشمل أيضًا دعم الصحة النفسية المجتمعية، هذا يتضمن تدريب الكوادر الطبية على التعامل مع اضطرابات مرتبطة بالكوارث البيئية، وتوفير مساحات حوار وتفريغ نفسي خاصة لفئات الشباب.
التغير المناخي لا يهدد فقط الكوكب الذي نعيش فيه، بل يؤثر أيضًا على الاستقرار النفسي الداخلي للإنسان، تجاهل هذا الجانب قد يجعلنا نكافح نصف المعركة فقط، بينما ينهار النصف الآخر بصمت داخل عقولنا.