في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، بات الإنسان يبحث عن حلول سريعة تمنحه دفعة من النشاط والتركيز خاصة في ظل ضغوط العمل والدراسة وقلة النوم، ظهرت مشروبات الطاقة كمنتج شهير ومثير للجدل يستهلكه الملايين حول العالم بشكل يومي لكن هل هي فعلاً مفيدة أم أنها مجرد وهم مغلف بالسكر والكافيين؟ وما هي أنواعها؟ وهل هناك عمر محدد لاستخدامها؟
مشروبات الطاقة هي مشروبات صناعية تحتوي بشكل رئيسي على الكافيين بالإضافة إلى مكونات أخرى مثل: التورين والسكر أو المحليات الصناعية والجلوكورونولاكتون والفيتامينات مثل: B6 وB12، وأحيانًا أعشاب مثل: الجينسنغ والغوارانا وهي تُسوّق عادة على أنها تعزز الأداء الذهني والبدني وتحسن المزاج والتركيز وتساعد في مقاومة التعب، هناك عشرات الأنواع في الأسواق تختلف قليلاً في تركيبتها لكنها جميعها تقوم على نفس الفكرة، كما ظهرت أنواع مخصصة للرياضيين وأخرى خالية من السكر موجهة لمرضى السكري أو متبعي الحميات.
بعض الدراسات تشير إلى وجود فوائد مؤقتة لهذه المشروبات عند استهلاكها باعتدال، مثل: زيادة اليقظة الذهنية وتحسين التركيز ورفع الطاقة قبل النشاط البدني وتخفيف الشعور بالنعاس أو التعب، لكن هذه الفوائد قصيرة الأجل وقد يرافقها هبوط حاد في الطاقة بعد زوال المفعول فيما يُعرف بـ"انهيار الطاقة".
رغم الترويج الكبير لها؛ فإن مشروبات الطاقة تحمل قائمة طويلة من الأضرار خاصة عند الاستهلاك المتكرر أو المفرط فهي ترفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وتزيد من خطر الإصابة بعدم انتظام ضربات القلب خاصة لدى من لديهم استعداد وراثي أو أمراض قلبية، كما أنها تسبب القلق والأرق والتوتر العصبي وقد تؤدي إلى نوبات هلع أو صداع حاد.
الكافيين العالي الموجود فيها يؤدي إلى الإدمان النفسي ويجعل الجسم بحاجة إلى كميات أكبر بمرور الوقت، كما أن الكمية الكبيرة من السكر قد ترفع خطر الإصابة بالسكري إذ تصل في بعض الأنواع إلى أكثر من عشر ملاعق في العلبة الواحدة، المكونات الصناعية تثقل الكبد والكلى خاصة عند الاستهلاك المزمن، كما أن الدراسات تربط بين تناول مشروبات الطاقة وزيادة احتمالية التهور والحوادث والقرارات الخاطئة خصوصًا بين المراهقين.
في الأجواء الحارة يزداد خطر الجفاف ومع أن مشروبات الطاقة تمنح شعورًا بالنشاط؛ إلا أنها تؤدي إلى زيادة التعرق وفقدان السوائل مما قد يُعرّض الجسم لخطر ضربة الشمس، أما في الطقس البارد فهي تمنح شعورًا زائفًا بالدفء مؤقتًا مما قد يؤدي إلى إهمال التدفئة الحقيقية.
حذرت منظمة الصحة العالمية وعدة هيئات طبية من استهلاك هذه المشروبات للأطفال دون سن السادسة عشرة والنساء الحوامل والمرضعات ومرضى القلب والسكري وارتفاع الضغط، كما لا ينصح بها للرياضيين أثناء التمارين الشاقة في الأجواء الحارة، أفضل سن لتناولها باعتدال هو بعد عمر الثامنة عشرة بشرط عدم وجود أمراض مزمنة وبمعدل لا يتجاوز علبة صغيرة بحجم 250 مل في اليوم.
بدلاً من الاعتماد على هذه المنتجات الصناعية يمكن اللجوء إلى بدائل صحية، مثل: القهوة الطبيعية أو الشاي الأخضر بكمية معتدلة، العصائر الطبيعية التي تحتوي على الفيتامينات، الماء مع الليمون والنعناع، وممارسة الرياضة والمشي لتنشيط الدورة الدموية.
مشروبات الطاقة ليست خطيرة في جوهرها لكنها تتحول إلى تهديد حقيقي عندما تُستخدم دون وعي أو رقابة خاصة من قبل صغار السن أو من يعانون من أمراض مزمنة، الأهم من أي مشروب هو أن نتبنى نمط حياة صحي يحتوي على نوم كافٍ وطعام متوازن وممارسة الرياضة، فهذه هي الطاقة الحقيقية التي لا تنتهي بانتهاء عبوة.