تعد وسائل الإعلام من أهم الوسائل التي تساهم في تشكيل الرأي العام، وتؤثر في سير الأحداث في المجتمعات المعاصرة ومع ذلك، تظهر ظاهرة معروفة باسم تحيز وسائل الإعلام، والتي تؤثر بشكل ظاهر على المعلومات المتاحة للجمهور، ومن هنا سنستعرض مفهوم تحيز وسائل الإعلام، بالإضافة إلى أسبابه وآثاره.
تحيز وسائل الإعلام يعني الانحياز في عرض المعلومات أو الأخبار، حيث يُرَكَّز على جوانب معينة من الأحداث أو المواضيع، مما يخلق صورة غير متوازنة، وقد يكون هذا التحيز ناتجًا عن قصد أو غير قصد، ويظهر في أشكال متنوعة من وسائل الإعلام مثل الصحف والتلفاز والإنترنت.
هنالك عدة أسباب لتحيز وسائل الإعلام، نذكر منه:
الملكية والسيطرة: من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى انحياز وسائل الإعلام هي ملكية هذه الوسائل . عندما تمتلك شركات أو أفراد معينين وسائل الإعلام، فإنهم قد يسعون للترويج لمصالحهم الخاصة، مما ينعكس على طريقة تغطية الأخبار، فعلى سبيل المثال، قد تكون وسائل الإعلام التي تملكها شركات معينة أقل اهتمامًا بتغطية الأخبار التي قد تضر بمصالحها التجارية.
الضغط السياسي: تتعرض وسائل الإعلام في كثير من الأحيان لضغوط من الحكومات أو الأحزاب السياسية، في بعض الأحيان، قد تضغط الحكومات على وسائل الإعلام لتفادي تغطية الأخبار السلبية أو لترويج معلومات معينة، وهذا يسبب انحيازًا في الأخبار المعروضة للجمهور.
المصادر المعلوماتية: تعتمد وسائل الإعلام على مصادر معينة للحصول على المعلومات، إذا كانت هذه المصادر متحيزة، أو تحمل أجندة خاصة، فقد تكون المعلومات المقدمة غير دقيقة، أحيانًا، يُعْتَمَد على مصادر معينة على نحو متكرر، مما يؤدي إلى تشكيل صورة غير متوازنة عن الأحداث.
كما تؤثر الاتجاهات الشخصية للصحفيين على أسلوب تقديم الأخبار، فقد يمتلك الصحفيون آراء وأفكارًا معينة تؤثر في كيفية كتابة التقارير، مما يمكن أن يؤدي إلى تحيز في المحتوى المقدم.
ومن الأثار الناتجة عن تحيز وسائل الإعلام، تشويه الحقائق: يمكن أن يؤدي انحياز وسائل الإعلام إلى نشر معلومات خاطئة أو مشوهة، مما يؤثر سلبًا على فهم الجمهور للأحداث.
حيث تشكل وسائل الإعلام عاملًا رئيسيًا في تشكيل الرأي العام، فإذا كانت التقارير متحيزة، فقد تؤدي إلى فهم خاطئ لمواضيع معينة، على سبيل المثال، يمكن أن تسهم التغطية غير المتوازنة للقضايا الاجتماعية في تفاقم الانقسامات بين الفئات المختلفة.
فقدان الثقة بوسائل الإعلام، عندما يكتشف الجمهور وجود تحيز في وسائل الإعلام، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع الثقة بها، فإذا اعتقد الناس أن الأخبار ليست موضوعية، فإنهم سيتجهون إلى البحث عن مصادر أخرى، وهذا قد يسهم في انتشار المعلومات المضللة.
تعزيز الأجندات السياسية، يمكن استغلال التحيز في وسائل الإعلام لتدعيم الأجندات السياسية، مما يؤدي إلى تفاقم الانقسام السياسي والاجتماعي، فعندما يروج الإعلام لجهة سياسية معينة على حساب أخرى، يتسبب ذلك في زيادة التوترات والصراعات.
يُعتبر تحيز وسائل الإعلام ظاهرة معقدة تؤثر بشكل كبير على المجتمعات، ومن خلال فهم أسبابها وتأثيراتها، يمكن للأفراد أن يصبحوا أكثر وعيًا عند استهلاكهم للأخبار والمعلومات.
يُعد تعزيز معايير الصحافة الأخلاقية والتوازن في التغطية الإعلامية أمرًا ضروريًا لتوفير معلومات دقيقة وموثوقة، حيث يتطلب منا جميعًا أن نكون متأملين وحذرين في كيفية استهلاك المعلومات المقدمة لنا، لضمان فهم دقيق للأحداث والمواقف في عالم يعج بالتعقيدات.