إلى متى ستظل الشعوب العربية تدفع ثمن الصراعات والسياسات والمصالح؟ إلى متى ستظل الأمهات تبكي أبناءهن والطفولة تُدفن تحت الركام والعدالة غائبة عن مسرح الأحداث؟
في غزة والضفة الغربية تتكرر المشاهد ذاتها: قصف ودماء وحصار ومعاناة يومية، شعب يُحاصر منذ أكثر من عقد ونصف يعاني من نقص في الماء والكهرباء والدواء ويُحرم من أبسط حقوقه الإنسانية، في كل عدوان تسقط البيوت على رؤوس أصحابها وتُستهدف المدارس والمستشفيات وكأن الإنسان الفلسطيني كتب عليه أن يعيش في دوامة دائمة من الألم، الضفة الغربية لا تقل وجعًا فهي تعاني من الاستيطان المتزايد واعتداءات المستوطنين والاعتقالات اليومية التي لا تفرق بين طفل وشيخ، الاحتلال لا يرحم والسكوت الدولي يزيد الطين بلة.
وفي سوريا، تقلبت الموازين وتبدلت الوجوه لكن المأساة بقيت كما هي، حرب دامت سنوات قتلت مئات الآلاف وشرّدت الملايين داخل وخارج البلاد، مدن كاملة دُمرت والبنية التحتية انهارت والاقتصاد السوري بات على شفا الانهيار، التدخلات الأجنبية زادت الأمور تعقيدًا وصار الشعب السوري ضحية لصراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، أطفال سوريا كبروا قبل أوانهم وتعلموا معنى الخوف والجوع بدل الأحلام والضحك.
النسيان لا يطوي كل شيء فهناك شعوب لا تنسى وجعها؛ بل تصنع منه ثورة، هناك من قال: "الحرية لا تُعطى؛ بل تُنتزع"، وهذا ما يحاول أهل فلسطين وسوريا فعله كل يوم رغم الجراح رغم الخيبات رغم انشغال العالم، يقول محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وما زال هناك من يؤمن بتلك الحياة رغم رائحة الموت التي تملأ الأجواء.
رغم الألم، هناك أمل.
رغم الدمار، هناك بناء.
ورغم الدماء، هناك حياة تنبض من تحت الركام.
لن نقبل أن يكون هذا الواقع قدرًا أبديًا
فالشمس لا تغيب طويلاً، والليل مهما طال، لا بد للفجر أن يولد في النهاية.