في ظلّ التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع الثروة الحيوانية، من إرتفاع أسعار الأعلاف المركزة إلى تقلّص الموارد الطبيعية، يبرز نبات "الأزولا" كحل واعد يلقى اهتمامًا متزايدًا من المزارعين والخبراء، لا سيما في الدول ذات الموارد المحدودة، هذا النبات المائي، الذي لطالما اعتُبر من الأعشاب البرية المهملة، بات اليوم يُعاد اكتشافه كمصدر فعّال للتغذية منخفضة الكلفة وغنية بالقيمة الغذائية.
ينتمي الأزولا إلى فصيلة السرخسيات، ويعيش طافيًا على سطح المياه، حيث يتميز بسرعة نموه وقدرته على التضاعف خلال فترة زمنية قصيرة، ما يجعله سهل الزراعة حتى في مساحات صغيرة، ويحتوي الأزولا على نسبة بروتين نباتي مرتفعة تتراوح بين 20 و30 من وزنه الجاف، إلى جانب مجموعة من الفيتامينات والمعادن، مثل الحديد والكالسيوم والفوسفور، فضلًا عن الأحماض الأمينية الأساسية.
هذه التركيبة الغذائية تجعل من الأزولا مكملًا مثاليًا في علائق الحيوانات، خاصة في نظم التربية التي تعتمد على الأعلاف الخضراء، ويُستخدم الأزولا كمكوّن داعم، وليس كغذاء وحيد، إذ يُخلط مع الأعلاف الأخرى بنسب تختلف حسب نوع الحيوان ومرحلة النمو أو الإنتاج.
ففي حالة الأبقار الحلوب، على سبيل المثال، أظهرت دراسات ميدانية أن إدخال الأزولا بنسبة تتراوح بين 10 و20 من إجمالي العلف يسهم في زيادة إنتاج الحليب وتحسين جودته، إلى جانب خفض التكاليف الإجمالية للتغذية، أما لدى الأغنام والماعز، فقد ساهم في تحسين معدلات النمو وتعزيز مقاومة الحيوانات للأمراض، نظرًا لما يحتويه من مضادات أكسدة وفيتامينات ضرورية.
وفي قطاع الدواجن، أسفرت تجربة دمج الأزولا مع العلف بنسب تتراوح بين 5 و10 عن نتائج إيجابية، شملت تحسين معدل التحويل الغذائي وتقليل معدلات النفوق، بالإضافة إلى إعطاء صفار البيض لونًا أكثر اصفرارًا بفضل احتوائه على البيتا كاروتين.
كما لا تقل أهمية الأزولا في تربية الأسماك، حيث يُستخدم كمصدر بروتيني فعّال، سواء في حالته الطازجة أو المجففة، خاصة في تغذية أسماك البلطي والكارب. وقد أثبت فعاليته في تقليل تكاليف الأعلاف وتحسين صحة الأسماك.
أمام الضغوط الإقتصادية والبيئية، يقدّم الأزولا نموذجًا للتغذية المستدامة منخفضة الكلفة وعالية القيمة، ما يجعله خيارًا استراتيجيًا لمستقبل الثروة الحيوانية في المنطقة والعالم.