في الثالث من مايو من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للصحافة، وهو موعد لا يُعد مجرد مناسبة للاحتفال؛ بل لحظة للتأمل والنقد والتقدير، فالإعلام بجميع أشكاله لم يعد مجرد ناقلٍ للأخبار بل أصبح قوة مؤثرة في تشكيل الوعي وصياغة الرأي العام وأحيانًا في توجيه مسارات السياسة والثقافة.
تحت شعار "حرية الصحافة ركيزة لحقوق الإنسان"، ركّز اليوم العالمي للصحافة لعام 2025 على العلاقة الحيوية بين الإعلام وحقوق الأفراد، وعلى الحاجة الملحة لحماية الصحفيين حول العالم من الانتهاكات والرقابة والقمع.
في الوقت نفسه، لا يمكن إغفال التحوّل العميق الذي يعيشه الإعلام اليوم فقد أصبحت الرقمنة ومنصات التواصل الاجتماعي والمحتوى السريع تحديات وفرصًا في آنٍ واحد، فبينما مكّنت هذه الوسائل الأفراد من التعبير والمشاركة فقد فتحت الباب أيضًا أمام الأخبار المضللة والتضليل الإعلامي والانتهاك المستمر لأخلاقيات المهنة.
في ظل هذه التغيرات يُطرح سؤال مركزي حول مفهوم الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي، هل ما زالت الصحافة التقليدية تحتفظ بقيمتها؟ وكيف يمكن للإعلامي أن يوازن بين سرعة النشر وعمق التحليل وصدق المعلومة؟.
في العالم العربي، تزداد التحديات تعقيدًا فبين الرقابة والقيود القانونية وضعف الحريات، يعمل العديد من الصحفيين في بيئات محفوفة بالمخاطر وبدون حماية كافية، ومع ذلك هناك تجارب إعلامية عربية رائدة تصرّ على المهنية وتحمل مشعل الكلمة الحرة في وجه كل تضليل.
الصحافة في جوهرها ليست مجرد مهنة أو وظيفة؛ بل هي التزام أخلاقي، العين التي ترى، والأذن التي تُنصت، والصوت الذي لا يخاف، ولهذا فإن اليوم العالمي للصحافة لا يمثل فقط احتفاءً بالصحفيين؛ بل يعكس الحق الإنساني في الوصول إلى الحقيقة.
فلننظر إلى الصحافة ليس بصفتها مجرد صدى للواقع؛ بل باعتبارها بوصلة للوعي ولنؤمن أن الإعلام المسؤول هو أول خط دفاع عن حرية المجتمعات.